الأحد، 31 أغسطس 2014

شرس كقلب

الشاعر اللبنانى حسن العبد الله

                 حسن العبد الله الشاعر اللبنانى الفريد فى شعره وفى نمط حياته ، أوّل عهدى به كان على صفحات (دراسات نقدية على ضوء المنهج الواقعى) لحسين مروة ، حيث لفتت انتباهى هذه الكلمات :
                                 وأموت من ندمى
                                 انتظرت فلم يصل دمها الى قلمى
ومن يومها صار هما يجب معرفته اكثر ، ولكنه صار تعبى الاكبر حتى لحظة كتابة هذه السطور ، لم اجد مكتبة فى السودان من المكتبات المهتمة بالشعر والادب تعرض له ولو مؤلفا واحدا من مؤلفاته التى تجاوزت الستين مؤلفا من دواوينه وقصصه المكتوبة للأطفال ، ولهم العذر فى ذلك ، ففى القاهرة عام 2013 قطعت فى بحثى عن مؤلفاته بين المكتبات مسافات كفيلة ان تنقلنى الى قارة اخرى اذا فردتها فى خط مستقيم ، ولم ادع مجالا للأستغراب ان يأخذ حيزا داخلى ، فوقتها كانت مصر متوجسة من تحوّل اسلامى قد يفعل ببعض المؤلفات ما فعله التتار ببغداد ، وقلت فى نفسى ربما صنّفت مؤلفاته ضمن دائرة المؤلفات الواجب اخفائها وتجفيف المكتبات منها ، واعتبرت رحلة القاهرة رحلة جافة محبطة لأمل راودنى قرابة العقدين من الزمن .

                     المهم انه من مواليد الخيام بجنوب لبنان وترجمت مختارات من اشعاره الى الفرنسية والانجليزية والالمانية والاسبانية والروسية ، وكان قد انقطع عن كتابة الشعر لمدة 18 عاما ليعود بعدها بمجموعة (راعى الضباب) فى 1999 والتى حسب آراء بعض النقاد اتسمت بواقعية حادة ولغة يومية مباشرة ، وكانت آخر اصدارته قبلها (الدردارة) فى 1981 وقبلها (اذكر اننى احببت) فى 1972 ومنها هذه الابيات :
                                         حفروا فى الارض وجدوا امرأة تزنى ، ملكا ينفض عن خنجره الدم
                           حفروا فى الارض وجدوا فخارا، افكارا ، لحنا جوفيا 
                             منسربا من اعماق البحر
                           حفروا فى الارض وجدوا رجلا يحفر فى الارض

                       آخر اصداراته ( ظل الوردة ) والتى يصفها بالشعر والتأمل ومنها هذه الابيات :

                                         الطبيعة تعرف كيف تعاقب اولئك الذين وظّفوا الجنس لغير غاية    الحفاظ على النوع ، انها تجعل منهم عشاقا .
                                          ،،،،،،،،،،،،،،
                           اخرج من المنزل فى اعلى التل فيباغتنى الفضاء الرحب فى السهل ويشدنى اليه الافق عندها افرد جناحىّ واحلّق
                                          لست طائرا ولكن للضرورة احكامها

                 من قراءات متفرقة ، انه معروف بنمط حياة فريد ، وتبدو انقطاعته الطويلة عن كتابة الشعر احدى سمات تلك الحياة التى يعيشها ، لكن هذه الكلمات قد تضىء كثيرا من جوانبها :

                                      وحدتى قلعتى حيث جسمى قوى ، وقلبى منيع ، وسرى مقدس ، اى امرأة تتقدم من جنتى هذه سأواجهها بالمسدس . 
                           وللوحدة حضور قوى فى كلماته كقوله :

                                     لا تكون للأنسان الكرامة التى يستحقها الا عندما يكون وحيدا  
 وثمة كلمات له تحيط علاقته بالمرأة بالغرابة :

                                    لم انج من لدغة افعى فى طفولتى ، ومن زلزال كبير فى الطفولة نفسها ، ومن محاولة انتحار فى شبابى ، ومن اربع عشرة حربا لكى اجىء واموت فى حبك .  
والغرابة لا تقف عند حدود علاقته بالمرأة وانما تمتد لمقولات تكسوها الغرابة كالعنوان اعلاه :

                                   شرس ككلب .. شرس كقلب 

                هذه ملامح سريعة على ضوء فانوس لشاعر كبير الحجم يتعذر الحصول على مؤلفاته ، قصدت ان ابدأ به تدوينى فى هذه المدونة الجديدة ( فوانيسى ) والتى  أأمل ان تلقى ضوءها فى الداخل والخارج وتحرر بصرنا لنتمكن من رؤية خلق خلاّق .