الأحد، 5 أكتوبر 2014

نجمة مغربية


                  تلتقيها لأول مرة فتحس انك تعرفها منذ الطفولة ، وتحس لحظتها انّ ودا قديما قد استعاد حماسته كلها ، هكذا تأسرك بسحر انسانى فريد حتى وان كانت هذه اللقيا على النت ، جميلة كطفلة جميلة تجبرك ان تطوى العالم لتلاعبها ، وجميلة كحبيبة تحارب من اجلها نفسك ، وجميلة يصطف الناس اعجابا بها ، وكل هذا الجمال الانسانى الساحر ، ينطوى على عقل جميل واسع الادراك والمعرفة ، ويمتلك ادوات دقيقة فى حداثتها ستخبرك بلطف ان الجمل والعبارات التى اكتب فيها الآن ، مشوهة تماما فى معانيها ودلالاتها بالعلامات العشوائية التى افصلها بها كهذه العلامة (،) .

ثريا وقاص
                 فهى الاستاذة الجامعية التى تدرس (السيميائية) بجامعة السوربون بفرنسا والمغرب ، تستطيع ان تقرأ عبارة من ثلاث كلمات وعلامتين وتعيد كتابتهم فى عدة صفحات ، لتفهم ما يعنيه توظيف العلامة فى السياق ، ومع ذلك فهى كقاصة وناقدة وناثرة كلمات مزيجا من الشعر والحكمة ، تكتب بلغة بسيطة موجزة تأتيك معانيها فى سلاسة حتى لو خفيت عليك اعماقها المتسعة كهذا القول :
                             (بلقائك أنت اخذت بثأرى كله من الحياة)





انها ثريا وقاص نجمة مغربية تشع فى سماء باريس ذات اشعاعها فى سماء المغرب وذات اشعاعها فى فضاء الانترنت الواسع ، على صفحتها بالفيسبوك تجدون حديقة وارفة الظلال من عذب الكلام .                         

الجمعة، 3 أكتوبر 2014

سلفادور لبنانى رقيق


                   البعض يبغض سلفادور دالى خاصة حينما يتلاعب بصورة المرأة ويلحق بها تلك البشاعات التى تميّز لوحاته بالجنون او بغيره كما يراه النقاد المختصون ، وتظل اللوحة فى نظر من هم مثلى مجرد عبث فوضوى يهدم فى قناعاتنا هالات الجمال التى نراها فى كل لحظة تحيط بالمرأة ، وكل هذا البغض لم يستطع ان ينفى عن الرجل براعته فى الرسم وثراءا فاحشا فى مخيلته ، ولم يستطع ان يمنع اندهاشنا بأولئك الذين يعجبون به الى حد التطرف كالممثلة العالمية الجميلة ارسولا اندراوس التى شغلت شاشات العرض حتى بدايات الثمانينات والتى رأت فيه آخر الرجال العظماء على الارض .

                   قرأت للشاعر اللبنانى الرقيق باسكال عسّاف -قصائده منشورة على صفحته بالفيسبوك- هى قصائد اشبه بلوحات سلفادور دالى ، ذات الخيال المنفلت الخلاّق ، ينتج بالكلمات وبمهارة مذهلة صورا جديدة  ترى من خلالها الحب كائنا قادرا على الامساك بتلك اللحظات التى توحدك ورفيق روحك مهما تكالب العالم عليكما ، خيّال يفتح امامك الف طريق وطريق وكلها تناديك ان كل شىء فى الحب ممكن .

                   الفكرة التى حاولت ان ابعدها كلما اقتربت منى عند قراءة قصائده ، تقول لى ان الرجل فعلا من معجبى سلفادور دالى ، وانه آثر ان يعتزر لمن هم مثلى عن غموض الفكرة فى لوحات دالى بأعادة انتاجها فى قصائد غاية فى جمال الصورة والمعنى والشكل
 كالأبيات ادناه :
الشاعر اللبنانى باسكال عسّاف
                                وجدتها .. سأصنع دمية تشبهك بالشكل وبكل تفاصيلك الصغيرة
                                              سأحبها على طريقتى لن تعاندنى ولن تجادلنى ولن تصنع منى قوتا للغياب
                                             سيكون لها ملمسك من دون ان تحترق اصابعى
                                             سيكون لها بحة صوتك واحرفك المكسرة وكلمة احبك
                                             لن يكون لها وقع المطرقة على رأسى
                                             ستعانقنى دون ان تغرز اصابعها فى ظهرى

الى آخر القصيدة المليئة بصور مدهشة ، آخر اصداراته (وجوه واقنعة) ، للمهتمين بالشعر سيستمتعون معه برحلة ممتعة .


الأحد، 31 أغسطس 2014

شرس كقلب

الشاعر اللبنانى حسن العبد الله

                 حسن العبد الله الشاعر اللبنانى الفريد فى شعره وفى نمط حياته ، أوّل عهدى به كان على صفحات (دراسات نقدية على ضوء المنهج الواقعى) لحسين مروة ، حيث لفتت انتباهى هذه الكلمات :
                                 وأموت من ندمى
                                 انتظرت فلم يصل دمها الى قلمى
ومن يومها صار هما يجب معرفته اكثر ، ولكنه صار تعبى الاكبر حتى لحظة كتابة هذه السطور ، لم اجد مكتبة فى السودان من المكتبات المهتمة بالشعر والادب تعرض له ولو مؤلفا واحدا من مؤلفاته التى تجاوزت الستين مؤلفا من دواوينه وقصصه المكتوبة للأطفال ، ولهم العذر فى ذلك ، ففى القاهرة عام 2013 قطعت فى بحثى عن مؤلفاته بين المكتبات مسافات كفيلة ان تنقلنى الى قارة اخرى اذا فردتها فى خط مستقيم ، ولم ادع مجالا للأستغراب ان يأخذ حيزا داخلى ، فوقتها كانت مصر متوجسة من تحوّل اسلامى قد يفعل ببعض المؤلفات ما فعله التتار ببغداد ، وقلت فى نفسى ربما صنّفت مؤلفاته ضمن دائرة المؤلفات الواجب اخفائها وتجفيف المكتبات منها ، واعتبرت رحلة القاهرة رحلة جافة محبطة لأمل راودنى قرابة العقدين من الزمن .

                     المهم انه من مواليد الخيام بجنوب لبنان وترجمت مختارات من اشعاره الى الفرنسية والانجليزية والالمانية والاسبانية والروسية ، وكان قد انقطع عن كتابة الشعر لمدة 18 عاما ليعود بعدها بمجموعة (راعى الضباب) فى 1999 والتى حسب آراء بعض النقاد اتسمت بواقعية حادة ولغة يومية مباشرة ، وكانت آخر اصدارته قبلها (الدردارة) فى 1981 وقبلها (اذكر اننى احببت) فى 1972 ومنها هذه الابيات :
                                         حفروا فى الارض وجدوا امرأة تزنى ، ملكا ينفض عن خنجره الدم
                           حفروا فى الارض وجدوا فخارا، افكارا ، لحنا جوفيا 
                             منسربا من اعماق البحر
                           حفروا فى الارض وجدوا رجلا يحفر فى الارض

                       آخر اصداراته ( ظل الوردة ) والتى يصفها بالشعر والتأمل ومنها هذه الابيات :

                                         الطبيعة تعرف كيف تعاقب اولئك الذين وظّفوا الجنس لغير غاية    الحفاظ على النوع ، انها تجعل منهم عشاقا .
                                          ،،،،،،،،،،،،،،
                           اخرج من المنزل فى اعلى التل فيباغتنى الفضاء الرحب فى السهل ويشدنى اليه الافق عندها افرد جناحىّ واحلّق
                                          لست طائرا ولكن للضرورة احكامها

                 من قراءات متفرقة ، انه معروف بنمط حياة فريد ، وتبدو انقطاعته الطويلة عن كتابة الشعر احدى سمات تلك الحياة التى يعيشها ، لكن هذه الكلمات قد تضىء كثيرا من جوانبها :

                                      وحدتى قلعتى حيث جسمى قوى ، وقلبى منيع ، وسرى مقدس ، اى امرأة تتقدم من جنتى هذه سأواجهها بالمسدس . 
                           وللوحدة حضور قوى فى كلماته كقوله :

                                     لا تكون للأنسان الكرامة التى يستحقها الا عندما يكون وحيدا  
 وثمة كلمات له تحيط علاقته بالمرأة بالغرابة :

                                    لم انج من لدغة افعى فى طفولتى ، ومن زلزال كبير فى الطفولة نفسها ، ومن محاولة انتحار فى شبابى ، ومن اربع عشرة حربا لكى اجىء واموت فى حبك .  
والغرابة لا تقف عند حدود علاقته بالمرأة وانما تمتد لمقولات تكسوها الغرابة كالعنوان اعلاه :

                                   شرس ككلب .. شرس كقلب 

                هذه ملامح سريعة على ضوء فانوس لشاعر كبير الحجم يتعذر الحصول على مؤلفاته ، قصدت ان ابدأ به تدوينى فى هذه المدونة الجديدة ( فوانيسى ) والتى  أأمل ان تلقى ضوءها فى الداخل والخارج وتحرر بصرنا لنتمكن من رؤية خلق خلاّق .